رواية بوبال لمؤلفها الدكتور محمد باباعمي، "مذكرات هارب من الموت، ناج من بطن الحوت".
في الجزء الأول من الرواية "أنا... عائلتي... مدينتي..." وصف فيها الكاتب على لسان محمد مهانجير ذو 11 ربيعا: المسمى تيمنا بالسلطان 11 من سلاطين "النبّاب" المكنى “مهانجير محمد خان” البيئة التي يعيش فيها من منزلهم الصغير البسيط الذي يحوي تلفازا صغيرا و خيط كهرباء واحدّا دون أي ريح للغاز وعائلة مسلمة ذات سبع أفراد: أب ذات حال ونفس مزرية حسب حالته المادية، وأم صبورة، محسنة، خيّرة، أصيلة ... تدعى شايستا وأخيرا سارة، زينات، محمد ثم شريفة وأخا خامسا صغيرا. يعيش محمد في مدينة بوبال الهندية الفقير أهلها، الغني عددهم، وقد أرجع محمد السبب في ذلك الى الفساد السياسي الحاصل هناك وذكر مصنع المبيدات الذي كان نتاج تواطؤ الحكومة الهندية مع شركة أمريكية ،وقد لمح الى تاريخين هامين: أغتيال أنديرا غاندي ويوم حدوث كارثة بوبال.
أما في الفصل الثاني فقد سرد فيها أحداث كارثة بوبال و الذي عنونه بـ"اللية المشؤومة...": فذات ليلة كانت كباقي ليالي العام اهل المنزل يغطون في نوم عميق مريح بعد جهد ذلك اليوم، وحدث ان انقطع نومهم بصراخ الام طالبة منهم الرحيل والهرب سريعا من الكارثة المحتومة فقد تسربت وانتشرت غازات قاتلة من ذلك المصنع الملعون، هرب محمد فزعا نحو ماكان يجد جماعات من الناس تفعل حتى أغمي عليه في الطريق ويبدو ان عاملا من المصنع كان هاربا عكس إتجاه الغازات فلقطه في الطريق، وما ان استيقظ مهانجير حتى بدأ يظن انه في يوم القيامة بما يحفظه حفظا ركيكا من الآيات الدالة عليه وبما كانت امه تلقنه وتسرد له، فبدأ يصرخ باحثا عن عن عائلته وهو وحيد ولكن لا مجيب الاّ شيخا رد عليه بالصبر و اللهج بالدعاء فعائلتك قد تكون في عداد الموتى من جراء السموم.
وهو في خيمته كان يجول خاطره بين أمرين: يبحث عن عائلته و التي قد تكون قد لقت ربها وعن صمت واخفاء الحكومة للكارثة وتغييب الاعلام عنها لأنها كارثة مست المسلمين وليس الهندوس أصحاب الحكم الذين يعتقدون أنهم الصفوة، وتساءل أيضا عن غياب المسلمين، وغياب المساعدات الا قليلا. وأما عن الرجال فقد كانوا يخرجون نهارا عائدون الى المدينة لدفن الاعداد الهائلة من الموتى وحتى ان بعض المتطوعين في العملية قد لحقوا بمدفونيهم، وهو هائم في خيمته اذ دخل عليه خاله ليصعقه بخبر وفاة عائلته فأمسى مذهولا حزينا.
وهاقد افاق محمد على نور من الله وبصيرة هكذا بدأ الدكتور محمد مقطعه الثالث من الرواية "لحطة التحول..." ، بعد صمت وتفكر وبكاء طويل جاءه النبأء من عائلة ارادت ان تأخذه بدل ابنها يونس المتوفي في الكارثة وهذا برضى منه ومن خاله، كان حينها وجدانه يذكره بفطرة أن تغيير الخارج يأتي بشرط تغيير الداخل. ثم قرر عليه والداه الجديدان الانتقال الى مدينة أخره تبعد عن بوبال لهم أهل فيها لعلهم يعيشون من جديد ويحيون حياة طيبة. وفي طريق كالكيتا كان يستذكر ويسترجع ذكرياته في بوبال مع والديه وأصدقاءه المولعين بالمغنين واللاعبين والممثلين دونما علم أو يقين او معرفة بل ويقسمون العالم فالغرب هو الجنة و الشرق هو الجحيم، وأما الفتيات فقد كان جل همهن تسريحات الشعر وكنيات الممثلات و المغنيات الغربيات، فقد كانت تلك تبعيتهم المسلمة التي لا شك فيها.
وأما عن الدين فقد كان مجرد طقوس يؤدونها فقد انعدمت تلك الروح فيها وانقلبت الموازين كما هو الحال في أي بلد مسلم سوى عن "أصحاب الآخرة" أو "أصحاب اللحى" عندنا الذين يعضون عبيه بالنواجد، وقد كان محمد يونس متحمس لما رآه من فكر ابويه الجديدين الإسلامي وقرر الولوج فور وصوله الى مدرسة بعد ان فارقها زماناً.
"كالكيتا: العالم الجديد" وهاقد وصلوا كالكيتا وقد اتخذوا من احدى المنازل الصغيرة المقتناة من أقاربهم منزلا مؤقتا الى أن وجد الوالد عملا يستقر به فانتقلوا الى منزل أوسع وأجمل، ثم كان كل هم والديه حينها تعليمه فلبثوا 3 أشهر في عناء البحث بين حلق كاملة العدد وأخرى تجارية تلقينية تقليدية، الى أن وجدو الأستاذ عمر الذي كان طبق الأصل لمطالبهما، فقد أعطى لمحمد من وقته الكثير بغض النظر عن بحثه لرسالة الدكتوراه، فقد دارسه القرآن وعلمه اللغة الأردية وحثّه على المطالعة، الى أن حان يوم تخرج الأستاذ عمر ونيله الشهادة وسط جموع المصفقين والمكبرين، وقد سرق عمر وقتا من حشود المهنئين مختليا بمحمد يونس فكرا وروحا طالبا إياه بالتعلم والاصطبار وأكد له كونه عالما عاملا وليس عالما عالما ينفع الناس، راشدا مرشدا و هذا كان فراقهما الحزين لان الدكتور عمر غادر نحو مدينته ليدعو ويرشد أهله هناك ويبصّرهم.
المقطع الخامس: "أعوام المدرسة والجامعة": بينما كان الولد محمد يجلس نحو أبيه إذ اخبره بنيته في إدخاله المتوسطة وضرورة اجتيازه لامتحان القبول، فرح محمد بذلك كثيرا وقد حصد في الامتحان مايقارب العلامة الكاملة لذلك قرر مجلس الأساتذة تحويله نحو العام الثالث متوسط مباشرة، وها قد مرّت الأعوام و السنون ليرتقي محمد في درجات العلم غير مبال بمثبطات الدرب عازما على الاغتراف من ينابيع العلم، وهاهو يدخل الجامعة وبدأ يعتمد على نفسه وبدأ أيضا يفكر في الانتقام لبوبال فتوصل الى ثلاث معارك للانتقام: "معركة الفهم، الوعي والفعل، فهذه الثلاث هي معضلات المجتمعات في هذه الأزمنة وغيرها. مع مرور الزمن لاحظ محمد يونس أنه يحوي شخصين بل فكرين في آن واحد الأول أسماه محمد وهو فكر واقعي جدا وحزب ينطلق من الاحداث والوقائع، وأما عن يونس فهو الحزب المعارض والفكر ذو التحليل والتعمق والملاحظة، ومالبثوا برهة حتى بدأت المعارك مظلم وبدأت المرافعات والنقاشات الفكرية بين محمد ويونس في شتى مواضيع العصر الى ان اكتشفا ان الأول يسير على نهج الثاني فأطرقا رأسيهما خجلا واعترافا...، وعادا الى هدوئهما وانسجامها وقد تعرف الأول على الثاني وبعدما هدأت عاصفة النقاش تيقنا أن هدفهما واحد وعدوّهما واحد فهذا يلزم اتحادًا وعملا جماعيا يحقق لكلاهما الهدف وهو ماذا سيقدمان لبوبال؟ ولهذا توصلا قبيل آذان الفجر في الحرم إذ كانا حجاجا، الى أن عليهما إتباع نموذج سمّوه نموذج الرشد حيث ينسجم فيه العلم مع العمل.
معلومات الكتاب
• العنوان: رواية بوبال.
• المؤلف: د.محمد بن موسى باباعمي.
• الطبعة: الثانية 2016م .
• دار النشر: كتابك.
• تاريخ القراءة: 19 - 06 - 2017
رواية بوبال
Reviewed by أسامه صالح والحاج on 2017-04-16
Rating:
Reviewed by أسامه صالح والحاج on 2017-04-16
Rating:
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق